مدن
جريحة

المحتويات
أنجزت اللجنة الدولية النماذج ثلاثية الأبعاد لمشروع مدن جريحة في وقت سابق على أعمال العنف التي تصاعدت في تشرين الأول/أكتوبر 2023 في إسرائيل وغزة. ولا يزال برج الميناء قائمًا وقت النشر، لكننا نبذل محاولات للتثبت مما إذا كان الأشخاص الذين أجريت مقابلات معهم في غزة ما زالوا على قيد الحياة.

برج سكني في غزة: تعرّض لدمار جزئي في أيار/مايو 2021 - الأرض الفلسطينية المحتلة

فقدنا كل شيء في لحظات معدودة.

عماد حندوقة،
مالك برج الميناء
التمرير
0%

كفى حروبًا، كفى قتلًا، كفى دمارًا.

فريال الصايغ،
مالكة شقة ببرج الميناء

2021 مصورة بالقمر الاصطناعي لغزة قبل وبعد الأعمال العدائية التي وقعت في أيار/مايو

2021 © : فريق العمل: European Space Imaging / Maxar Technologies

  • 2,000

    منزل دُمروا

    خلال العمليات العدائية في أيار/مايو 2021، شمل الضرر تدمير 2,173 وحدة سكنية تدميرًا تامًا، في حين لحق دمار جزئي بـ 15,000 أخرى.

  • 113,000

    نازح

    أسفر القتال في أيار/مايو 2021 عن نزوح قرابة 113,000 شخص داخل غزة، أي ما يعادل نسبة 10 بالمئة من مجموع أُسر غزة.

كان برج الميناء الذي يبلغ ارتفاعه بضعة عشر طابقًا، ويضم شققًا سكنية، أحد معالم مدينة غزة، تسكنه 20 أسرة ممتدة وجدت فيه مستقرا لها، واستثماراً توّج سعيها نحو تحقيق استقرار مالي ومستقبل أفضل. ولهذه النقطة أهمية خاصة لسكان القطاع الذين يئنّون تحت وطأة القيود الإسرائيلية المفروضة عليهم منذ عام 2007، عندما آلت شؤون القطاع إلى قيادة فلسطينية جديدة.

وإلى جانب كونه أحد أكثر بقاع الأرض اكتظاظًا بالسكان، فإن قطاع غزة هو كذلك منطقة نزاع ملتهبة. في أثناء الأعمال العدائية التي وقعت في أيار/مايو 2021 قتل 13 إسرائيليًا و261 فلسطينيًا من بينهم 69 طفلًا و41 امرأة. واستهدفت غارة جوية البناية المجاورة لبرج الميناء السكني وألحقت به أضرارًا بالغة. حينها أُجبر سكان البرج على إخلاء المكان، لينضموا إلى 113,000 شخص آخرين أصبحوا بلا مأوى بسبب القتال المتجدد الذي أسفر عن تدمير بنايات سكنية ومرافق بلدية والبنية التحتية أو إلحاق أضرار بها، فضلًا عن تعطّل الخدمات والإمدادات.

وقد فاقم النزاع الذي دار عام 2021 الوضع الاقتصادي المتدهور أصلًا في غزة، إذ أدت القيود المفروضة على تنقلات السكان وحركة البضائع وتعاقب موجات العنف على مدى أكثر من عقد إلى خنق اقتصاد القطاع. وأُجبرت العائلات التي كانت تسكن برج الميناء على إخلائه، فخرجوا إلى الشوارع ليدخلوا في غياهب التشرد، ينوؤون بآمالهم وأحلامهم المحطمة، وبوضع مالي لا يُحسدون عليه.

مليار دولار

هي التكلفة التقديرية

بحسب تقرير التقييم السريع للأضرار والاحتياجات الذي أجراه البنك الدولي في غزة في الفترة بين 25 أيار/مايو إلى 30 حزيران/يونيو 2021، قُدِّرت الأضرار المادية الناجمة عن الحرب بنحو 380 مليون دولار أميركي، والخسائر الاقتصادية بنحو 190 مليون دولار أميركي، في حين بلغ تقدير تكلفة التعافي بنحو 485 مليون دولار أميركي خلال الأشهر الـ 24 الأولى.

شعرت أني في الشارع. شعرت أني محتاج. شعرت أني ضائع.

عماد حندوقة،
مالك برج الميناء

تشكل الأسرة في غزة نواة الحياة الاجتماعية والاقتصادية للغزاويين. كان هذا هو حال سكان برج الميناء؛ فكان كثير منهم مجموعات عائلية ممتدة يقطنون غالبًا شققًا متجاورةً: آباء وأبناؤهم، أجداد وأعمام وعمّات وأبناء عمومة. يتشاركون أحداث حياتهم اليومية، وتجود كل أسرة على الأخرى بالدعم العاطفي والمالي والاجتماعي، ويجدون في ذلك الدعم ما يعوضهم عن غياب الخدمات الاجتماعية الحكومية نتيجة النزاع. كان البرج بساكنيه مجتمعًا في حد ذاته، لا يفصلهم سوى جدران شققهم.

على مدى سنوات، عاشت العائلات في خوف دائم من ضربة جوية تستهدف برجهم، يراودهم كابوس مزعج تتردد فيه أصداء إنذار مفزع بضرورة إخلاء البناية قبل استهدافها. تحقق الكابوس أخيرًا وجاء الإنذار قبل الضربة بدقائق معدودة. نجوا بحياتهم لكنهم فقدوا كل شيء تقريبًا؛ أثاثهم وأجهزتهم الثمينة وذكرياتهم التي حفظتها ألبومات الصور. دُمّر البرج جزئيًا، ثم أعيد تأهيله على الأساسات القديمة، غير أن سكانه الأوّلين ساورتهم مخاوف بشأن سلامة البناء ويرون أنه كان من الأفضل أن يُزال البرج كليًّا ثم يُعاد بناؤه من جديد في إطار خطة أوسع لتجديد الحي الذي طالته أضرار بالغة.

تفرق شمل المجتمع المصغر، منهم من كان يكافح وقتئذ من أجل سداد قيمة إيجار شقة بديلة بعد أن كان مالكًا مستقرًا في عقاره، ومنهم من انتهى به المطاف بالإقامة في أماكن إيواء مؤقتة، ومنهم من يعيشون في الشوارع. أسر بأكملها تعيش من دون دخل ولا مال، فأصبحت على شفا الانهيار. إن هذا السقوط اللحظي من الأمان والاستقرار المالي والاجتماعي إلى النزوح والعوز وانعدام اليقين لكفيل بأن يصيب المرء بصدمة نفسية غائرة ويُثقل كاهله بهموم لا تطيقها الجبال. كيف لا؟ وقد فقدوا كل ممتلكاتهم ومُزقت شبكات الدعم الاجتماعي، وأُقحموا في كفاح مرير للبقاء على قيد الحياة.

25%

هي نسبة حرمان السكان من الطاقة

يقنن حصول سكان غزة على الكهرباء فيتراوح بين 10 و12 ساعة فقط باليوم، ما يعني أن واحداً من كل أربعة أشخاص من أهل غزة يعيش من دون كهرباء مطلقًا، الأمر الذي يؤثر على فرص حصول السكان على المياه النظيفة وقدرتهم على الطهي والتنظيف والدراسة وتبريد طعامهم وتدفئة منازلهم.

Logo ICRC

لا أريد شفقة من أحد. أريد أن أستعيد حياتي الطبيعية، هذا كل ما أريد.

فريال الصايغ،
مالكة شقة ببرج الميناء

يحظر القانون الدولي الإنساني الهجمات التي تستهدف المدنيين وممتلكاتهم والبنية التحتية التي تكفل بقاءهم على قيد الحياة. لكن استخدام أسلحة متفجرة ثقيلة في المناطق الحضرية يسوي المنازل بالأرض ويطال أذاها البنية التحتية كما تقوض الاستقرار الاجتماعي والمالي للمدنيين، لاسيما وأن الأطراف المتحاربة غالبًا ما تتنصل من مسؤولياتها في هذا الجانب.

وتشكل حالة الضعف التي تعيشها فئة المشردين والنازحين والمعوزين وضعًا خاصًا، إذ يقع عليهم ضرر اقتصادي واجتماعي يثقل كواهلهم بضغوط نفسية وقلق مستمر وأضرار نفسية وصدمات وجدانية، تتغذى كلما استعرت حرب المدن وتطايرت القذائف فوق رؤوسهم.

في البيئات الحضرية، من الممكن أن يساعد الدعم المالي النقدي السكان على الوقوف على أرجلهم من جديد، ولكن ثمة حاجة إلى تقديم أكثر من ذلك؛ فخدمات دعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي لا تقل أهمية عن الرعاية الطبية العاجلة، لمعالجة آثار النزاعات التي تتخذ – بشكل متزايد – من المدن والبلدان ساحات لها.

المدينة التالية

حلب، سورية

دخول